حكاية "التنين والفتاة الحكيمة"

أفق الحكايات
المؤلف أفق الحكايات
تاريخ النشر
آخر تحديث

 حكاية "التنين والفتاة الحكيمة"

 


في زمن بعيد، في قرية صغيرة تقع عند سفح جبل شامخ في الصين القديمة، كانت هناك فتاة تُدعى "لينغ مي". كانت لينغ مي معروفة في قريتها بذكائها وحكمتها، رغم صغر سنها. كانت تستمع دائمًا إلى حكايات الشيوخ عن التنانين التي تسكن الأنهار والجبال، وكيف أن هذه المخلوقات العظيمة تحمي الأرض وتعطي الحياة من خلال المطر.

 وذات يوم، بدأت القرية تعاني من جفاف طويل استمر لعدة أشهر. نضبت المياه من الأنهار، وذبلت المحاصيل، وأصبح الناس يعيشون في خوف وقلق على مستقبلهم. اجتمع أهل القرية وقرروا أن يرسلوا وفدًا إلى الجبل المقدس للصلاة من أجل المطر، ولكن دون جدوى. لم ينزل المطر، ولم يتغير الوضع.

 

عندما رأت لينغ مي حزن أهل قريتها، قررت أن تأخذ الأمر بيدها. ذهبت إلى المعبد القديم في القرية واستشارت الكتب القديمة التي تحكي عن التنانين والأرواح الطبيعية. اكتشفت أن هناك تنينًا عظيمًا يعيش في بحيرة سحرية أعلى الجبل، وأنه هو المسؤول عن تنظيم دورة المياه في الطبيعة. لكن يبدو أن التنين كان حزينًا أو غاضبًا، ولذلك توقف عن إرسال المطر.

 

قررت لينغ مي أن تصعد إلى الجبل لتواجه التنين بنفسها. ومع أنها كانت صغيرة وضعيفة البنية، إلا أن شجاعتها وإصرارها أعطياها القوة للمضي قدمًا. صعدت الفتاة الشابة الجبل الوعر، وتغلبت على كل الصعاب التي واجهتها في الطريق: البرد القارس، والرياح العاتية، والحيوانات البرية.

 

عندما وصلت أخيرًا إلى البحيرة السحرية، رأت التنين الضخم مستلقيًا على ضفاف البحيرة، وكان يبدو حزينًا للغاية. تقدمت لينغ مي بجرأة وقالت بصوت هادئ ولكنه ثابت: "يا أيها التنين العظيم، لماذا تركت أرضنا تجف؟ لماذا حرمتنا من الماء الذي نحتاجه للحياة؟"

 

رفع التنين رأسه ببطء وأجاب بنبرة مليئة بالحزن: "لقد فقدت الجوهرة السحرية التي كانت تمنحني القوة لإدارة دورة المياه. بدونها، لا أستطيع أن أعمل كما ينبغي، وأخشى أن تكون قد سقطت في أيدي أناس طماعين."

 

فكرت لينغ مي للحظة، ثم قالت: "إذا كنت تحتاج إلى الجوهرة السحرية، فسأبذل قصارى جهدي لإيجادها وإعادتها إليك."


 

وافق التنين على عرضها، وأعطى لينغ مي خيطًا من حريره السحري كدليل على أنه يثق بها. نزلت الفتاة من الجبل مرة أخرى، وبدأت رحلتها للبحث عن الجوهرة. بعد أسابيع من البحث، اكتشفت أن الجوهرة قد سُرقت من قبل تاجر جشع من مدينة بعيدة، كان يستخدمها لتحقيق الثراء الفاحش.

 

لم تفقد لينغ مي الأمل. استخدمت ذكاءها وشجاعتها للتسلل إلى منزل التاجر، وأعادت الجوهرة دون أن يلاحظ أحد. ثم عادت إلى الجبل وسلمت الجوهرة إلى التنين.

 

فرح التنين كثيرًا باستعادة الجوهرة، وشكر لينغ مي على شجاعتها وذكائها. قال لها: "بفضلك، ستعود الحياة إلى هذه الأرض." وبعد لحظات، بدأ المطر يهطل بغزارة، وعادت المياه إلى الأنهار، وازدهرت المحاصيل من جديد.

 

منذ ذلك اليوم، أصبحت لينغ مي بطلة في قريتها، وعاشت القرية في سلام وازدهار. أما التنين، فظل يحمي الأرض وسكانها، وعرف الجميع أن الحكمة والإصرار يمكن أن يغيرا العالم.

 

النهاية

تعليقات

عدد التعليقات : 0